
047- سورة
محمد
|
![]() |
(بصوت ذ. محمد العثماني)
|
|
التعريف
بالسورة
|
|||
سورة مدنية إلا الآية 13 نزلت في الطريق أثناء الهجرة و هي
من المثاني و آياتها 38 و ترتيبها 47 في المصحف الشريف و نزلت بعد الحديد و بدأت السورة
باسم موصول ذكر اسم الرسول صلى الله عليه و سلم محمد في الآية الثانية.
|
|||
سبب
التسمية
|
|||
سميت بسورة محمد لقوله تعالى: "والَّذينَ آمنُوا وعمِلُوا
الصَّالحاتِ وآمنُوا بمَا نزِّلَ علَى محمَّدٍ وهوَ الحقُّ من ربِّهِمْ كفَّرَ عنهُمْ
سيِّئاتِهِمْ وأصلَحَ بالَهُم"، وتُسمَّى سورة القتال لأنَّ موضوعها الأساسيّ
هو الجهادُ في سبيل الله تعالى.
|
|||
محور
مواضيع السورة
|
|||
تدورُ آياتُ سورة محمد حول موضوع الجهاد في سبيل الله تعالى، فتبدأُ
بإعلانِ حربٍ شاملةٍ على أعداء الله وأعداء دينه وتبيِّن بطلان عمل الكافرين لاتباعهم
الباطل والكفر، وبالمقابل يكفِّرُ الله السيئات عن المؤمنين لأنَّهم يتبعوم ما أنزل
الله، قال تعالى: “ذلِكَ بأَنَّ الَّذينَ كفَرُوا اتَّبعُوا الباطِلَ وأَنَّ الَّذينَ
آمنُوا اتَّبعُوا الحَقَّ منْ ربِّهِم كذَلِكَ يضرِبُ اللَّهُ للنَّاسِ أَمثالَهُمْ”،
ثمَّ أمرت الآياتُ المؤمنينَ بأن يخوضوا حربهم ضدَّ الكفَّأر أعداء الله تعالى وبيَّنت
الحكمة من الجهاد وشجَّعت عليه وأعلت مكانة الشهداء وبيَّنت حكمَ الأسرى في الحرب،
ثمَّ تشيرُ الآيات إلى أحوال الأمم السابقة وما حلَّ بهم من دمار وهلاك وعذاب بسبب
كفرهم برسالات الله، قال تعالى: “أَفلَمْ يسِيرُوا في الأَرْضِ فَينظُرُوا كيْفَ
كانَ عاقِبَةُ الَّذينَ منْ قَبلِهِمْ دمَّرَ اللَّهُ عَليهِمْ ولِلكَافِرِينَ أمثَالُهَا”.
ثمَّ تتحدَّثُ عن أحوال المؤمنين والكافرين في الدنيا والآخرة وعن المنافقين
الذين يظهرون الإيمان بالله تعالى ويضمرون الكفر وبيَّنت علامات نفاقهم من استخفافٍ
بكلام رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وجبنهم وخوفهم من الدعوة إلى الجهاد وتفضَحُ
اتِّباعهم الشياطين وتعاملهم مع اليهود، قال تعالى: “إنَّ الَّذينَ ارتَدُّوا علَى
أدبَارِهِمْ منْ بعدِ ما تبيَّنَ لهُمُ الهُدَى الشَّيطَانُ سوَّلَ لهُمْ وأَمْلَى
لهُمْ * ذلِكَ بأَنَّهُمْ قالُوا للَّذِينَ كرِهُوا ما نزَّلَ اللَّه سَنطِيعُكُمْ
في بعضِ الأَمْرِ واللَّهُ يعلَمُ إسرَارَهُمْ”، ثمَّ تعود للحديث عن المشركين واليهود
الذين يحاربون الدعوة الإسلامية وتدعو المؤمنين لمواصة الجهاد بكلِّ الإمكانيات المتوفرة
لديهم من نفسٍ ومالٍ وتهدِّد من يبخلُون بإنفاق أموالهم في سبيل الله بأنَّ الله
قادر على إهلاكهم وقادرٌ على الإتيان بقومٍ غيرهم، قال تعالى: “ها أنتمْ هؤُلَاءِ
تدْعَوْنَ لتُنفِقُوا في سبِيلِ اللَّهِ فمِنْكُمْ منْ يَبخَلُ ومَنْ يبْخَلْ فإِنَّمَا
يبخَلُ عنْ نفْسِهِ واللَّهُ الغَنِيُّ وأَنْتُمُ الفُقَرَاءُ وإِنْ تتَوَلَّوْا
يستَبْدِلْ قوْمًا غيْرَكُمْ ثمَّ لا يكُونُوا أمثَالَكُمْ” .
|
|||
فضل
السورة
|
|||
لم ترِدْ في فضل سورة محمد أحاديثُ خاصَّة بالسورةِ وحدها بل
إنَّ كلَّ ما وردَ عبارة عن أحاديث ضعيفة أو موضوعةٍ لا أصلَ لها. ولكنَّ فضل سورة
محمد كفضلِ بقيَّة سورِ القرآن الكريم، ففي قراءتِها كما في قراءةِ القرآن الكريم كلِّه
للمسلمِ في قراءتِه أجرٌ كبير وفضل عظيم لا يعلمه إلا الله؛ كما ورد في الحديث الشريفِ
الذي رواهُ عبد الله بن مسعود أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالَ: “من
قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ
{ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ” ، وفضل سورة محمد أيضًا في العملِ
بما جاءت به من أحكام وأوامر كتبها الله تعالى على عباده المسلمين في كتابِه الكريم،
كالحثِّ على الجهاد في سبيل الله تعالى والبذل والتضحية في سبيله وأخذ العبرةِ والعظةِ
من آياتِها الكَريمة .
|
|||
نص
السورة
|
|||
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ
كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ
مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذا لَقِيتُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا
الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا
ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ
بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ
(4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا
لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ
وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ
أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ
أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا
(10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا
مَوْلَى لَهُمْ (11) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ
وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) وَكَأَيِّنْ
مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ
فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ
لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي
وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ
لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ
مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ
أَمْعَاءَهُمْ (15) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ
عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ
طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا
زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ
أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ
ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ
(19) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ
سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى
لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا
اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ
تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ
الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى
أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ
وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ
اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ
(26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ
(27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ
فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ
لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ
بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ
(30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ
وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا
اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ
فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ
وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
(35) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا
يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا
فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ
لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا
يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا
يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)
|