الخميس، 3 أكتوبر 2019

أركان الإيمان | الركن الرابع: الإيمان بالرسل


الركن الرابع: الإيمان بالرسل
..:: حقيقة الإيمان بالرسل ::..
الإيمان بالرسل عليهم السلام :
هو :  أحد أركان الإيمان التي لا يتحقق إيمان العبد إلا بها.
والإيمان بالرسل : هو الاعتقاد الجازم بأن لله رسلاً اصطفاهم لتبليغ رسالاته، فمن اتبعهم فقد اهتدى ، ومن عصاهم فقد غوى ، وأنهم قد بلغوا ما أنزل الله إليهم من ربهم البلاغ المبين ، وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة ، وجاهدوا في الله حق جهاده ، وأقاموا الحجة ولم يبدلوا أو يغيروا أو يكتموا شيئاً مما أرسلوا به ، ونؤمن بمن سمى الله لنا ومن لم يسمِّ ، وكل رسول يبشر بمن يأتي بعده ، والمتأخر منهم يصدق من قبله .
 قال تعالى : ( قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ( [سورة البقرة: الآية 136]
فمن كذب رسولاً فقد كذب الذي صدقه ، ومن عصاه فقد عصى من أمر بطاعته . قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ( [سورة النساء: الآيتان 150-151].
..:: الحكمة من إرسال الرسل ::..
الحكمة من إرسال الرسل عليهم السلام تتمثل في أمور منها:
أولاً : إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن رق عبودية المخلوق إلى حرية عبادة رب العباد . قال تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) [سورة الأنبياء: الآية 10]. 
ثانياً : التعريف بالغاية التي خلق الله الخلق لأجلها ، وهي عبادته وتوحيده  والتي لا تعرف إلا عن طريق الرسل الذين اصطفاهم الله من خلقه وفضلهم على العالمين .
قال تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ( [سورة النحل: الآية 36]  
ثالثاً : إقامة الحجة على البشر بإرسال الرسل .  قال تعالى : ( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ( [سورة النساء: الآية 165]
رابعاً : بيان بعض المغيّبات التي لا يدركها الناس بعقولهم ، مثل أسماء الله وصفاته ، ومعرفة الملائكة واليوم الآخر وغير ذلك .
خامساً : كون الرسل قدوة حسنة كمَّلهم الله بالأخلاق الفاضلة  وعصمهم من الشبهات والشهوات . قال تعالى: ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ) [سورة الأنعام: الآية 90]. وقال تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [سورة الممتحنة: الآية 6].
سادساً: إصلاح النفوس وتزكيتها وتطهيرها وتحذيرها من كل ما يرديها. قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ( [سورة الجمعة: الآية 2] . وقال صلى الله عليه وسلم : ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) [ رواه أحمد والحاكم].
..:: وظائف الرسل عليهم السلام ::..
للرسل عليهم السلام وظائف جليلة منها :
أ ـ تبليغ الشريعة ودعوة الناس إلى عبادة الله وحده وخلع عبادة ما سواه. قال تعالى: ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ( [سورة الأحزاب: الآية 39].
ب ـ تبيين ما أنزل من الدين . قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) [سورة النحل: الآية 44]
ج ـ دلالة الأمة إلى الخير وتحذيرهم من الشر ، وتبشيرهم بالثواب وإنذارهم بالعقاب . قال تعالى : ( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ) [سورة النساء: الآية 165]
د ـ إصلاح الناس بالقدوة الطيبة والأسوة الحسنة في الأقوال والأفعال .
هـ ـ إقامة شرع الله بين العباد وتطبيقه .
و ـ شهادة الرسل على أممهم يوم القيامة بأنهم قد بلغوهم البلاغ المبين . قال تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا  ([سورة النساء: الآية 41].
..:: عصمة الرسل ::..
اصطفى الله سبحانه وتعالى لرسالته وتبليغها أفضل خلقه ، وأكملهم خَلقاً وخُلقاً ، وعصمهم من الكبائر وبرأهم من كل عيب حتى يؤدوا وحي الله إلى أممهم ، فهم معصومون فيما يخبرون به عن الله سبحانه وتعالى في تبليغ رسالاته باتفاق الأمة . قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ( [سورة المائدة: الآية 67].
وقال تعالى : ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) [سورة الأحزاب: الآية 39].
وقال تعالى : ( لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ( [سورة الجن: الآية 28].
 وإذا صدرت من أحدهم الصغائر التي لا تعلق لها بالتبليغ فإنه يُبيّن لهم ، وسرعان ما يتوبون إلى الله وينيبون إليه فتكون كأن لم تكن ، وينالون بذلك منزلة أعلى من منزلتهم السابقة ؛ وذلك لأن الله قد خص أنبياءه صلوات الله وسلامه عليهم بكمال الأخلاق وصفات الخير ونزههم عن كل ما يحط من أقدارهم ومكانتهم .
..:: عدد الأنبياء والرسل وأفضلهم ::..
ثبت أن عدد الرسل عليهم الصلاة والسلام ثلاثمائة وبضعة عشر ، لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن عدد الرسل (( ثلاثمائة وخمس عشرة جماً غفيراً)) [ رواه الحاكم ] والأنبياء أكثر من ذلك ، منهم من قصّ الله علينا في كتابه ، ومنهم  من لم يقصص علينا . وقد سمى الله في كتابه منهم خمسة وعشرين نبياً ورسولاً.
قال تعالى: ( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) [سورة النساء: الآية 164].        
وقال تعالى : ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( [سورة الأنعام: الآيات 83-87].
وقد فـضل الله النبـيين بعـضهم على بعض . قال تعالى: ( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ) [سورة الإسراء: الآية 55].
وفضل الله الرسل بعضـهـم على بعض. قال تعالى : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) [سورة البقرة: الآية 253].
وأفضلهم أولو العزم من الرسل . وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمد عليهم السلام . قال تعالى:  ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) [سورة الأحقاف: الآية 35].
وقال تعالى: ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ( [سورة الأحزاب: الآية 7].
 ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل وخاتم النبيين وإمام المتقين ، وسيد ولد آدم وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا وخطيبهم إذا وفدوا ، صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون ، وصاحب لواء الحمد والحوض المورود ، وشفيع الخلائق يوم القيامة ، وصاحب الوسيلة والفضيلة ، بعثه الله بأفضل شرائع دينه ، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، وجمع له ولأمته من الفضائل والمحاسن ما فرقه فيمن قبلهم وهم آخر الأمم خَلْقَاً وأولهم بعثاً .
قال صلى الله عليه وسلم : (فضلت على الأنبياء بست) [رواه مسلم ] . وقال صلى الله عليه وسلم : ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وبيدي لواء الحمد ولا فخر  . وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي يوم القيامة)) [ رواه أحمد والترمذي] .
والذي يلي الرسول صلى الله عليه وسلم بالفضيلة منهم إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن ، فالخليلان هما أفضل أولى العزم من الرسل ثم الثلاثة بعدهما.
..:: آيات الأنبياء عليهم السلام (المعجزات) ::..
أيّد الله رسله عليهم السلام بالآيات العظيمة والمعجزات الباهرة لتكون حجة أو حاجة ، كالقرآن الكريم وانشقاق القمر ، وانقلاب العصا حيّة ، وخلق الطير من الطين وغيرها .
فالمعجزة الخارقة للعادة دليل على النبوة الصادقة ، والكرامة دليل على صدق الشاهد بالنبوة الصادقة .
قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ ( [سورة الحديد: الآية 25].  وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة))[متفق عليه] .
..:: مقطع تعليمي ::..
واتساب