الخميس، 3 أكتوبر 2019

أركان الإيمان | الركن الثاني: الإيمان بالملائكة


الركن الثاني: الإيمان بالملائكة
..:: مفهوم الإيمان بالملائكة ومنزلته ::..
الإيمان بالملائكة : هو الاعتقاد الجازم بأن لله ملائكة خلقهم من نور مجبولون على طاعته ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون ، لا يعلم عددهم إلا الله ، كلّفهم الله بأعمال ووظائف مختلفة .
قال تعالى : ( وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ ) [سورة البقرة: الآية 177]. 
وقال تعالى: ( كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) [سورة البقرة: الآية 285].
وفي حديث جبريل المشهور لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان . قال ـ أي جبريل ـ : فأخبرني عن الإيمان . قال ـ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره .
والإيمان بالملائكة هو الركن الثاني من أركان الإيمان الستة ، التي لا يصح إيمان عبد ولا يقبل إلا بها .
وقد أجمع المسلمون على وجوب الإيمان بالملائكة الكرام ، فمن أنكر وجودهم ، أو وجود بعضهم ممن ذكره الله عز وجل فقد كفر وخالف الكتاب والسنة والإجماع .
قال تعالى : ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) [سورة النساء: الآية 136]
..:: مادة خلق الملائكة ::..
خلق الله تعالى الملائكة من نور كما خلق سبحانه الجن من النار وخلق بني آدم من طين ، وكان خلقهم قبل خلق آدم عليه السلام .
وقد جاء في الحديث ((خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم )) [ رواه مسلم ] . 
..:: عدد الملائكة ::..
الملائكة خلق لا يحصى عددهم إلا الله عز وجل لكثرتهم ، فما في السماء من موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد أو قائم ، كما إن البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه من كثرتهم ، ويؤتى بالنار يوم القيامة ولها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها .
قال تعالى: ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ) [سورة المدثر:الآية 31] . وجاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( أطَّت السماء وحق أن تَئِطَّ ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد وراكع )) . وقال صلى الله عليه وسلم عن البيت المعمور : (( يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه )) رواه البخاري ومسلم . وقال صلى الله عليه وسلم: ((يؤتى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك ))  [ رواه مسلم].
وهنا يتبين لنا ضخامة عدد الملائكة ، فهؤلاء مثلاً يبلغ عددهم أربعة آلاف وتسعمائة مليون ملك . فكيف ببقية الملائكة ! سبحان من خلقهم وصرفهم وأحصاهم عدداً .
..:: أسماء الملائكة ::..
يجب الإيمان بمن سمى الله لنا في القرآن أو سماه لنا رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة من الملائكة وأعظمهم ثلاثة :
الأول : جبريل ، وقد يسمى جبرائيل ، وهو روح القدس الذي ينزل بالوحي الذي به حياة القلوب على الرسل عليهم السلام .
الثاني : ميكائيل ، وقد يسمى ميكال . وهو موكل بالمطر الذي به حياة الأرض يسوقه حيث أمره الله .
الثالث : إسرافيل . وهو موكل بالنفخ في الصور إيذانا بانتهاء الحياة الدنيا وابتداء الحياة الآخرة ، والذي به حياة الأجساد .
..:: صفات الملائكة ::..
الملائكة خلق حقيقي ، لهم أجسام حقيقية متصفة بصفات خلقية وخُلقيه فمن ذلك :
أ ـ عظم خلقهم وضخامة أجسامهم  : خلق الله سبحانه وتعالى الملائكة على صور عظيمة قوية تليق بأعمالهم الجليلة التي وكلهم الله بها في السموات والأرض .
ب ـ  أن لهم أجنحة : خلق الله سبحانه وتعالى للملائكة أجنحة مثنى وثلاث ورباع ، وقد تزيد على ذلك ، كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته له ستمائة جناح وقد سد الأفق . قال تعالى: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) [سورة فاطر: الآية 1] .
ج ـ عدم حاجتهم للطعام والشراب  : خلق الله سبحانه وتعالى الملائكة لا يحتاجون إلى طعام أو شراب ولا يتزوجون ولا يتناسلون .
د ـ الملائكة عقلاء ذوو قلوب : كلموا الله وكلمهم ، كلموا آدم وغيره من الأنبياء .
هـ ـ قدرتهم على التمثل بغير صورتهم الحقيقة : أعطى الله  ملائكته قدرة على التمثل بصورة الذكور من البشر ، وهذا فيه رد على الوثنيين الذين زعموا أن الملائكة بنات الله .
ولا نعلم كيفية تمثلهم إلا أنهم يتمثلون بصورة دقيقة يصعب معها التفريق بينهم وبين البشر .
و ـ موت الملائكة : الملائكة يموتون جميعاً يوم القيامة بما فيهم ملك الموت ، ثم يبعثون للقيام بأعمالهم التي وكلهم الله بها.
ز ـ عبادة الملائكة : يعبد الملائكة الله سبحانه وتعالى بعبادات منها الصلاة ، والدعاء  والتسبيح ، والركوع ، والسجود ، والخوف والخشية والمحبة، وغير ذلك .
ومن صفات عبادتهم ما يلي :
1 ـ الدوام والاستمرار مع عدم الفتور .
2 ـ الإخلاص لله سبحانه وتعالى .
3 ـ لزوم الطاعة وترك المعصية لعصمتهم عن الذنوب والمعاصي.
4 ـ التواضع لله مع كثرة العبادة .
قال تعالى : ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ) [سورة الأنبياء: الآية 20]
..:: أعمال الملائكة ::..
تقوم الملائكة بأعمال جليلة وكلهم الله  بها ، فمنهم :
1 ـ حملة العرش .
2 ـ الملك الموكل بإنزال الوحي على الرسل .
3 ـ خزنة الجنة والنار .
4 ـ الموكلون بالسحاب والقطر والنبات .
5 ـ الموكلون بالجبال .
6 ـ الملك الموكل بالنفخ في الصور .
7 ـ الموكلون بكتابة أعمال بني آدم  .
8 ـ الموكلون بحفظ بني آدم، فإذا قدر الله عليه أمراً تركوه فوقع ما قدر له.
9 ـ الموكلون بملازمة الإنسان ودعوته للخير .
10 ـ الموكلون بالنطفة في الرحم ، ونفخ الروح في الإنسان وكتابة رزقه وعمله وشقي أو سعيد .
11 ـ الموكلون بقبض أرواح بني آدم عند الموت .
12ـ الموكلون بسؤال الناس في قبورهم وما يترتب عليه من نعيم أو عذاب.
13 ـ الموكلون بتبليغ النبي سلام أمته عليه .
ولذلك لا يحتاج المسلم في سلامه على النبي إلى شد الرحل  إليه ، بل يكفي أن يصلي ويسلم عليه في أي مكان ، فإن الملائكة تنقل سلامه وتبلغه النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما تشد الرحال إلى المسجد النبوي للصلاة فيه .
 ولهم أعمال كثيرة جداً هذا أشهرها ، ومن الأدلة على ذلك : 
قال تعالى : ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا ) [سورة غافر: الآية 7].
وقال تعالى : ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) [سورة البقرة: الآية 97].
وقال تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ( [سورة الأنعام: الآية 93].
..:: ثمرات الإيمان بالملائكة ::..
أ ـ تحقيق الإيمان ، فإن الإيمان لا يصح إلا بالإيمان بهم .
ب ـ العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه ، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق .
ج ـ زيادة الإيمان في قلب المسلم بمعرفة صفاتهم وأحوالهم ، ووظائفهم.
د ـ الأمن والطمأنينة للمؤمنين عند تثبيت الله لهم بالملائكة.
هـ محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادات على الوجه الأكمل واستغفارهم للمؤمنين .
و ـ بغض الأعمال الفاسدة والمعاصي .
ز ـ شكر الله سبحانه وتعالى على عنايته بعباده ، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم وغير ذلك من مصالحهم .
..:: مقطع تعليمي ::..

واتساب