الجمعة، 4 أكتوبر 2019

أركان الإسلام | الركن الثاني: الصلاة


الركن الثاني: الصلاة
..:: تعريفها ::..
تُعدُّ الصلاة أعظم العبادات شأناً وأوضحها برهاناً، أهتم بها الإسلام وأولاها أيما عناية، فبيّن فضلها ومنـزلتها بين العبادات، وأنها صلة بين العبد وربه، يظهر بها امتثال العبد أوامر ربّه.
- الصَّلاَةُ لُغَةً: قِيلَ: مَنْقُولَةٌ مِنَ الدُّعَاءِ الَّذِي تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ، وَتُطْلَقُ الصَّلَاةُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ عَلَى الدُّعَاءِ. وَقِيلَ: مَنْقُولَةٌ مِنَ الصِّلَةِ، وَهِيَ مَا يَرْبِطُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ؛ لأنَّهَا صِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ.
- وَالصَّلاَةُ شَرْعاً: أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ، مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ، مَعَ النِّيَّةِ، بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ؛ أَوْ هِيَ: عِبَادَةٌ ذَاتُ إِحْرَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَتَسْلِيمٍ.
..:: دليل مشروعيتها ::..
ثبت مشروعية الصلاة بأدلة كثيرة منها:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [سورة البقرة: من الآية43].
قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [سورة النساء: من الآية103].
قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [سورة البينة: من الآية5].
ثانياً: من السنّة:
1- حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان" متفق عليه.
2- حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً..." رواه مسلم.
3- حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة..." متفق عليه.
ثالثاً: الإجماع:
أجمع المسلمون على مشروعية الصلوات الخمس وأنها فرض من فروض الإسلام.
..:: الحكمة في مشروعيتها ::..
الصَّلاَةُ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنيَّةِ وَأَشْرَفِهَا، جَمَعَ الله فِيهَا لِبَنِي آدَمَ أَعْمَالَ الْمَلاَئِكَةِ كُلَّهَا مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَذِكْرٍ، وَأَنْوَاعًا مُهِمَّةً مِنْ الطَّاعَاتِ، كَقِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَعُدَّتْ مِنَ الدِّينِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ.
وَيَكْفِي أَنَّهَا أَوَّلُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَأَنَّهَا قَرِينَةُ الصَّبْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) سورة البقرة، الآية: 44
بِحَيْثُ يُسْتَعَانُ بِهَا فِي عَظَائِمِ الْأُمُورِ، قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ اِلْمُوَطَّإِ: «وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزَعَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَأَمَرَ مَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ». [شرح الزرقاني على الموطإ، كتاب الصلاة، ما يكره للنساء لبسه] 
مِنْ حِكَمِهَا: أَنَّهَا صِلَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَرَبِّهِ، وَصِلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ قَصَّرَ بِحَقِّ اللهِ وَحَقِّ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَقُولُ: «اللهمَّ اغْفِرْ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ»؛ وَيَقُولُ فِي التَّشَهُّدِ: «السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ»؛ فَيَكُونُ تَارِكُهَا مُقَصِّراً فِي حَقِّ اللهِ بِتَرْكِ عِبَادَتِهِ، وَفِي حَقِّ رَسُولِهِ بِتَرْكِ الشَّهَادَةِ بِرِسَالَتِهِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، وَفِي حَقِّ نَفْسِهِ؛ إِذْ حَرَمَ نَفْسَهُ الْخَيْرَ الْعَظِيمَ، وَفِي حَقِّ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ الذِينَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فِي صَلَوَاتِهِمْ، وَلَا يَسْتَغْفِرُ هُوَ لَهُمْ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فِي صَلَاتِهِ التِي تَرَكَهَا؛ وَلِكُلِّ ذَلِكَ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ بِتَرْكِهَا.
وَمِنْ مَقَاصِدِها: أَنَّهَا تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) سورة العنكبوت: 45
وَذَلِكَ بِمُدَاوَمَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهَا، فَيُحَبَّبُ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ، وَيُكَرَّهُ إِلَيْهِ الْكُفْرُ وَالْفُسُوقُ وَالْعِصْيَانُ، وَتَقْوَى رَغْبَتُهُ فِي الْخَيْرِ، وَتَسْهُلُ عَلَيْهِ اِلطَّاعَاتُ، وَيَقْتَرِبُ الْعَبْدُ مِنَ اللهِ، فَيُيَسِّرُ لَهُ أُمُورَهُ، وَيُبَارِكُ لَهُ فِي أَعْمَالِهِ وَأَحْوَالِهِ، وَبِذَلِكَ يَعِيشُ عِيشَةَ السُّعَدَاءِ.
..:: فرائضُ الصَّلَاةِ ::..
فَرَائِضُ الصَّلاَةِ سِتَّ عَشْرَةَ فَرِيضَةً، وَهِيَ:
1. النِّيَّةُ الَّتِي تُقْصَدُ بِهَا الصَّلَاةُ؛ وَيَجِبُ اقْتِرَانُهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَلَا تُؤَخَّرُ عَنْهَا، وَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَلَا يَضُرُّ ذَهَابُهَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا. وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الصَّلَاةِ الْمَنْوِيَّةِ ظُهْراً أَوْ عَصْراً أَوْ غَيْرَهُمَا، وَالْأَفْضَلُ تَعْيِينُهَا بِالْقَلْبِ لَا بِاللَّفْظِ.
2. تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ الَّتِي يَدْخُلُ بِهَا فِي حَرَمِ الصَّلَاةِ وَحُرْمَتِهَا؛ وَلَفْظُهَا: اللهُ أكْبَرُ، ولَا يُجْزِئُ غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَلَا يُجْزِئُ أَكْبَار بِالْمَدِّ لِتَغَيُّرِ الْمَعْنَى.
3. الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَلَا يُجْزِئُ قَوْلُهَا مِنْ جُلُوسٍ ثُمَّ الْقِيَامُ لِلْقِرَاءَةِ.
4. قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ؛ وَهِي وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُصَلِّي إِمَاماً أَوْ فَذّاً لَا مَأْمُوماً؛ وَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا اِئْتَمَّ بِمَنْ يُحْسِنُهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُهَا.
5. الْقِيَامُ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ؛ فَلَا يُجْزِئُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ مِنْ جُلُوسٍ ثُمَّ الْقِيَامُ لِلرُّكُوعِ.
6. الرُّكُوعُ؛ وَأَقَلُّهُ الِانْحِنَاءُ بِقَدْرِ مَا تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ، وَيَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَيْهِمَا، وَيُجَافِيَ مِرْفَقَيْهِ، وَيُسَوِّيَ ظَهْرَهُ وَرَأْسَهُ.
7. الرَّفْعُ مِنَ الرُّكُوعِ؛ فَإِنْ أَخَلَّ بِهِ وَخَرَجَ مِنَ اَلصَّلَاةِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلرَّجُلِ الذِي لَمْ يُحْسِنْ صَلَاتَهُ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ... ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً».[ صَحِيحُ ابْنِ خُزَيْمَةَ، كِتَابُ الصَّلَاةِ، باب الأمر بإعادة الصلاة إذا لم يطمئن المصلي في الركوع أو لم يعتدل في القيام بعد رفع الرأس من الركوع ]
8. السُّجُودُ؛ وَيَنْبَغِي فِيهِ الْخُضُوعُ وَالتَّذَلُّلُ مَعَ اسْتِحْضَارِ الْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَجِبُ فِيهِ تَمْكِينُ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مِنَ الْأَرْضِ، فَمَنْ سَجَدَ عَلَى الْأَنْفِ دُونَ الْجَبْهَةِ أَعَادَ أَبَداً، وَعَلَى الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ أَجْزَأَهُ، وَيُعِيدُ اسْتِحْبَاباً.
9. الرَّفْعُ مِنَ السُّجُودِ؛ وَيَنْبَغِي رَفْعُ الْيَدَيْن عَنِ الْأَرْضِ فِي الْجُلُوسِ بَعْدَهُ.
10. الْجُلُوسُ لِلسَّلَامِ؛ وَالْفَرْضُ مِنْهُ الْجُلُوسُ لِلتَّسْلِيمِ، ومَا زَادَ عَلَيْهِ سُنَّةٌ.
11. السَّلَامُ؛ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ لَفْظُ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ. وَيَنْوِي بِالسَّلَامِ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ، كَمَا يَنْوِي الدُّخُولَ فِيهَا بِالْإِحْرَامِ.
12. تَرْتِيبُ أَدَاءِ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ، بِتَقْديمِ الْقِيَامِ عَلَى الرُّكُوعِ، وَالرُّكُوعِ عَلَى السُّجُودِ، وَالسُّجُودِ عَلَى الْجُلُوسِ؛ فَلَوْ عَكَسَ فَبَدَأَ بِالْجُلُوسِ قَبْلَ الْقِيَامِ،
أَوْ بِالسُّجُودِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ، لَمْ تُجْزِهِ صَلاَتُهُ بِإِجْمَاعٍ.
13. الِاعْتِدَالُ؛ وَهُوَ نَصْبُ الْقَامَةِ فِي الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَفِي الْجُلُوسِ مِنَ السُّجُودِ.
14. الطُّمَأْنِينَةُ؛ وَهِيَ اسْتِقْرارُ الْأَعْضَاءِ وَسُكُونُهَا فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِاعْتِدَالِ؛ إِذْ قَدْ يَعْتَدِلُ بِنَصْبِ قَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْكُنَ أَعْضَاؤُهُ، وَقَدْ يَطْمَئِنُّ بِسُكُونِ أَعْضَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْصِبَ قَامَتَهُ.
15. مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِ إِمَامَهُ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ؛ فَيُحْرِمُ بَعْدَ إِحْرَامِ إمَامِهِ، وَيُسَلِّمُ بَعْدَ سَلَامِ إِمَامِهِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَسْتَلْزِمُ الِاتِّبَاعَ، لَا الْمُسَاوَاةَ، وَلَا الْمُسَابَقَةَ؛ فَمُسَاوَاةُ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ أَوْ سَبْقُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ، فَيُعِيدُ الصَّلَاةَ إِنْ سَبَقَهُ أَوْ سَاوَاهُ فِي الْإِحْرَامِ، وَتَبْطُلُ إِنْ سَاوَاهُ أَوْ سَبَقَهُ فِي السَّلَامِ.
16. نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ؛ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَأْمُومِ مُطْلَقاً، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ وَمُتَّبِعٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَذِّ، فَلَا يُعْلَمُ أَيٌّ مِنْهُمَا هُوَ الْإِمَامُ؟
..:: شروط الصلاة ::..
تَنْقَسِمُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أولا: شروط وجوب الصلاة:
شُرُوطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ خَمْسَةٌ: الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَالنَّقَاءُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ.
فَلَا تَجِبُ الصَّلاَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِ وُجُوبَ أَدَاءٍ، وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ لَوْ فَعَلَهَا، وَتَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ تَكْلِيفٍ؛ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ؛ وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ؛ وَلَا عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ حَتَّى يَطْهُرَا مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.
وَلَا تَجِبُ الصَّلَاةُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِإِجْمَاعٍ؛ وَلَا يُجْزِئُ أَدَاؤُهَا قَبْلَهُ.
ثانيا: شروط صحة الصلاة:
طَهَارَةُ الْخَبَثِ
وَهِيَ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ. وَهِيَ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ دُونَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ.
فَمَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ ذَاكِراً قَادِراً عَلَى إِزَالَتِهَا،
أَوْ مُتَعَمِّداً مُخْتَاراً، أَعَادَ أَبَداً؛ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ اَلصَّلَاةِ وَالْوَاقِعَةِ عَلَيْهِ أَثْنَاءَ أَدَائِهَا؛ فَمَنْ افْتَتَحَهَا طَاهِراً فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ زَالَتْ عَنْهُ مِنْ حِينِهَا؛
وَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِياً، أَوْ ذَاكِراً وَلَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إِزَالَتِهَا، أَعَادَ فِي الْوَقْتِ.
طَهَارَةُ الْحَدَثِ
فَمِنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مُحْدِثاً أَوْ مُتَطَهِّراً ثُمَّ أَحْدَثَ فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِحَديثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ صَلَاةَ بِغَيْرِ طُهُورٍ...». [سنن البيهقي، جماع أبواب الكلام في الصلاة، باب من أحدث في صلاته قبل الإحلال منها بالتسليم]
سَتْرُ الْعَوْرَةِ
وَهُوَ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، كَالِاسْتِقْبَالِ وَطُهْرِ الْخَبَثِ. وَيَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي مِنْ حِينِ إِرَادَةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ إِلَى حِينِ الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ، أَوْ كَانَ فِي الظَّلَامِ، فَهُوَ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَمُقْتَضَى أَدَبِ الْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَعْبُودِ فِي مَقَامِ الْمُنَاجَاةِ.
اِسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ
وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ، فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرَ، مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، دُونَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ.
فَمَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ عَامِداً قَادِراً عَلَى اسْتِقْبَالِهَا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ؛
وَمَنْ صَلَّى لِغَيْرِهَا نَاسِياً أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛
وَمَنْ عَجَزَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهَا لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ.
..:: سنن الصلاة المؤكدة ::..
1. قِرَاءةُ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ؛
2. قِيَامُ الْإمَامِ وَالْفَذِّ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنَ الرَّكَعَاتِ؛
3. الْجَهْرُ بِمَحَلِّ الْجَهْرِ؛
4. السِّرُّ بِمَحَلِّ السِّرِّ؛
5. تَكْبيرَاتُ الْاِنْتِقالِ بَيْنَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، إِلَّا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ؛
6. التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؛
7. الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي؛
8. قَوْلُ الْإمَامِ والْفَذِّ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ.
وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ أَحْكَامٍ فِي هَذِهِ السُّنَنِ؛ وَهِيَ مَا يَأْتِي:
• أَمَّا قِرَاءةُ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، فَهِيَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ؛ أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُسَنُّ لَهُ الْإِنْصَاتُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، وَتُسْتَحَبُّ لَهُ الْقِرَاءَةُ فِي السِرِّيَّةِ.
وَالْمُرَادُ قِرَاءَةُ شَيْءٍ زَائِدٍ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى الْفَاتِحَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قِرَاءَةُ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَا إِكْمَالُ السُّورَةِ، كَمَا لَا يَضُرُّ الزِّيَادَةُ عَلَى السُّورَةِ وَلَا تَكْرَارُهَا، وَلَا يُغْنِي تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ عَنْهَا. وَقَدْ جَاءَ عَنْ نَافِعٍ: «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فِي رَكْعَةٍ». [ مصنف أبي بكر عبد الرزاق الصنعاني، كتاب الصلاة، باب قراءة السور في الركعة ]
• وَأَمَّا الْقِيَامُ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ فَفِي حَقِّ الْإمَامِ وَالْفَذِّ؛ أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ.
• وَأَمَّا الْجَهْرُ فَمَحَلُّهُ الْأُولَيَانِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَرَكْعَتَا الصُّبْحِ.
• وَأَمَّا السِّرُّ فَمَحَلُّهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَكُلُّ الرَّكَعَاتِ الْأَوَاخِرِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. قَالَ فِي التَّلْقِينِ: الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي مَوْضِعِ الْجَهْرِ، وَالْإِسْرَارُ بِهَا فِي مَوْضِعِ الْإِسْرَارِ، سُنَّتَانِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: يُسْمِعُ نَفْسَهُ فِي الْجَهْرِ وَفَوْقَهُ قَلِيلاً، وَالْمَرْأَةُ دُونَهُ فِيهِ، وَتُسْمِعُ.
• أَمَّا تَكْبيرَاتُ الْاِنْتِقالِ فَيَتَعَلَّقُ تَأْكِيدُ سُنِّيَّتِهَا بِمَجْمُوعِ التَّكْبِيرَاتِ لَا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، فَتَرْكُ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُعَدُّ مِنْ تَرْكِ السُّنَنِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَعَمُّدُ تَرْكِهَا.
• وَأَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؛ فَالْمُرَادُ بِهِ فِعْلُ مُطْلَقِ التَّشَهُّدِ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، وَأَمَّا تَعْيِينُ لَفْظٍ خَاصٍّ بِهِ فَسَيَأْتِي.
• وَأَمَّا الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؛ فَالْمُرَادُ بِهِ جُلُوسُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجُلُوسُ التَّشَهُّدِ الثَّانِي الذِي قَبْلَ السَّلَامِ، أَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ السَّلَامُ، فَهُوَ فَرْضٌ لَا سُنَّةٌ.
• وَأَمَّا قَوْلُ الْإمَامِ والْفَذِّ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ؛ فَالْحُكْمُ فِي سُنِّيَّتِهِ كَالْحُكْمِ فِي سُنِّيَّةِ التَّكْبِيرِ، يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ فِيه بِالْمُتَعَدِّدِ مِنْهُ لَا بِالْمُتَّحِدِ؛ وَذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَأْمُومِ، أَمَّا هُوَ فَيُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، كَمَا يَأْتِي فِي الْمَنْدُوبَاتِ.
وَمِنَ الْحِكَمِ الَّتِي يُوحِي بِهِ تَجَاوُبُ الْإمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ: أَنَّ صَلاَتَهُمَا كَصَلاَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّهُمَا بِرَابِطَةِ الْاِقْتِدَاءِ كَمُصَلٍّ وَاحِدٍ.
..:: مقطع تعليمي للصغار ::..

واتساب