الخميس، 3 أكتوبر 2019

أركان الإيمان | الركن الخامس: الإيمان باليوم الآخر


الركن الخامس: الإيمان باليوم الآخر
..:: حقيقة الإيمان باليوم الآخر ::..
الإيمان باليوم الآخر :
هو : الاعتقاد بنهاية الحياة الدنيا والدخول بعدها إلى دار أخرى ، تبدأ بالموت والحياة البرزخية وتمر بقيام الساعة ثم البعث والحشر والجزاء إلى دخول الناس الجنة أو النار .
والإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا بها ، فمن أنكره فقد كفر . قال الله تعالى: ( وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ) [سورة البقرة: الآية 177]. 
وقال صلى الله عليه وسلم لما جاء في حديث جبريل وفيه (فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله ، وملائكته وكتبه ، ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره) [رواه مسلم 1/157] . 
ومما يجب الإيمان به مقدمات اليوم الآخر مما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكون من أشراط الساعة وأماراتها .
و قد قسم العلماء هذه العلامات إلى قسمين :
أ ـ صغرى : وهي التي تدل على اقتراب الساعة ، وهي كثيرة جداً، وكثير منها قد وقع إن لم يكن أغلبها .
ومنها : بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وضياع الأمانة ، وزخرفة المساجد والتباهي بها ، وتطاول الرعاة في البنيان ، ومقاتلة اليهود وقتلهم ، وتقارب الزمن ، ونقص العمل ، وظهور الفتن ، وكثرة القتل ، وكثرة الزنا والفسوق .
ب ـ كبرى : وهي التي تكون بين يدي الساعة وتنذر ببدء وقوعها، وهي عشر علامات ، ولم يظهر منها شيء.
ومنها : خروج المهدي ، وخروج الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام من السماء حكماً عدلاً ، فيكسر الصليب ويقتل الدجال والخنـزير ، ويضع الجزية ، ويحكم بشريعة الإسلام ، ويظهر يأجوج ومأجوج فيدعو عليهم فيموتوا ، وخسوفات ثلاث ، خسف   بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب ، والدخان وهو انبعاث دخان عظيم من السماء يغشى الناس ويعمهم ، ورفع القرآن من الأرض إلى السماء ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة، وخروج نار عظيمة من عدن تسوق الناس إلى أرض الشام ، وهي آخر العلامات العظام .
وقد ذكر هذا اليوم بأكثر من اسم في القرآن الكريم .
منها : يوم القيامة ، القارعة ، يوم الحساب ، يوم الدين ، الطّامة، الواقعة ، الحاقّة ، الصّاخة ، الغاشية ، وغير ذلك .
..:: صفة الإيمان باليوم الآخر ::..
الإيمان باليوم الآخر إجمالي وتفصيلي :
- أما الإجمالي : فهو أن نؤمن بأن هناك يوماً يجمع الله فيه الأولين والآخرين فيجازى كلاً بعمله فريق في الجنة وفريق في السعير . قال تعالى : ( قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) [سورة الواقعة: الآيتان 49-50].
 - وأما التفصيلي : فهو الإيمان بتفاصيل ما يكون بعد الموت ويشمل ذلك أموراً منها :
أولاً : فتنة القبر :
وهي سؤال الميت بعد دفنه عن ربه ودينه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ، كما ورد في الحديث أنه عندما يسئل   يقول : ((ربي الله ، وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم)). [ متفق عليه ] .
فيجب الإيمان بما دلت عليه الأحاديث من سؤال الملكين وكيفية ذلك ، وما يجيب به المؤمن ، وما يجيب به المنافق .
ثانياً : عذاب القبر ونعيمه :
يجب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه ، وأنه إما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة ، وأن القبر أول منازل الآخرة ، فمن نجا منه فما بعده أيسر منه  ومن لم ينج فما بعده أشد منه ، ومن مات قامت قيامته .
فالنعيم والعذاب يقع على الروح والجسد جميعاً في القبر ، وقد تنفرد الروح بهذا أحياناً ، وعذابه يكون للظالمين ونعيمه للمؤمنين الصادقين .
والميت يعذب في البرزخ أو ينعم ، سواء قُبر أو لم يقبر . فلو أُحرق أو أغرق أو أكلته السباع أو الطيور فلابد أن يناله ذلك العذاب أو النعيم .
قال تعالى : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ( [سورة غافر: الآية 46]. 
وقال صلى الله عليه وسلم: ((فلو لا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر )) [ رواه مسلم ] . 
ثالثاً : النفخ في الصور :
الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام فينفخ النفخة الأولى فتموت الخلائق جميعاً إلا من شاء الله ، ثم ينفخ النفخة الثانية فتبعث الخلائق أجمع منذ خلق الله الدنيا إلى قيام الساعة.
قال تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ) [سورة الزمر: الآية 68].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً ، ثم لا يبقى أحد إلا صعق ، ثم ينزل الله مطراً كأنه الطل ، فتنبت منه أجساد الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون))   [ رواه مسلم ] .
رابعاً : البعث :
وهو إحياء الله الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية فيقوم الناس لرب العالمين ، فإذا أذن الله بالنفخ في الصور وبرجوع الأرواح إلى أجسادها حينئذٍ قام الناس من قبورهم وساروا مسرعين إلى الموقف حفاة :غير منتعلين، عراة: غير مكتسين، غرلاً : غير مختونين، بُهما : ليس معهم شيء ، ويطول الموقف وتدنو الشمس منهم ويزاد في حرها ، ويلجمهم العرق؛ لشدة الموقف ، فمنهم من يبلغ العرق إلى كعبيه ، ومنهم من يبلغ العرق إلى ركبتيه ، ومنهم من يبلغ إلى حقويه ، ومنهم من يبلغ إلى ثدييه ، ومنهم من يبلغ إلى منكبيه ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً وذلك كله بقدر أعمالهم .  
خامساً : الحشر والحساب والجزاء :
فنؤمن بحشر الأجساد ومساءلتها وإقامة العدل بينها ومجازاة الخلق على أعمالهم . قال تعالى : ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) [سورة الكهف: الآية 47].
وقال تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ( [سورة الحاقة: الآيات 19-21].
وقال تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ( [سورة الحاقة: الآيتان 25-26].
 فالحشر : سوق الناس وجمعهم إلى الموقف لحسابهم ، والفرق بينه وبين البعث هو أن البعث إعادة الأرواح إلى الأجساد والحشر سوق هؤلاء المبعوثين وجمعهم إلى لموقف .
والحساب والجزاء : هو أن يوقف الحق تبارك وتعالى عباده بين يديه ويعرفهم بأعمالهم التي عملوها ، فالمؤمنون المتقون تكون محاسبتهم بعرض أعمالهم عليهم حتى يعرفوا منّة الله عليهم في سترها عليهم في الدنيا وفي عفوه عنهم في الآخرة ، ويحشرون على حسب إيمانهم تستقبلهم الملائكة وتبشرهم بالجنة ، وتؤمنهم من الفزع ومن هول هذا اليوم العصيب ، فتبيّض وجوههم فهي يومئذٍ مسفرة ضاحكة مستبشرة.
وأما المكذبون المعرضون فيحاسبون محاسبة عسيرة دقيقة على كل صغيرة وكبيرة ، ويسحبون على وجوههم يوم القيامة إذلالاً لهم جزاءً بما قدمت أيديهم وبما كانوا يكذبون .
وأول من يحاسب يوم القيامة أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب لكمال توحيدهم ، وهم الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (( لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربـهم يتوكلون )) ومنهم الصحابي الجليل عكاشة بن محصن رضي الله عنه . 
وأول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله تعالى الصلاة ، وأول ما يقضى فيه بين الناس من الحقوق الدماء .
سادساً : الحوض :
نؤمن بحوض النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حوض عظيم ومورد كريم ، يُمد من شراب الجنة من نهر الكوثر في عرصات القيامة يرده المؤمنون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن صفته : أنه أشد بياضاً من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وأحلى من العسل ، وأطيب  من المسك ، وهو في غاية الاتساع عرضه وطوله سواء ، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر ، فيه ميزابان يمدانه من الجنة وآنيته أكثر من نجوم السماء، ومن يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً .
قال النبي صلى الله عليه وسلم  : ((حوضي مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، من شرب منه فلا يظمأ أبداً)) [ رواه البخاري ] .
سابعاً : الشفاعة :
عندما يشتد البلاء بالناس في الموقف العظيم ويطول مكثهم يسعون ليُشفع لهم عند ربهم بتخليصهم من كربات الموقف وأهواله ، فيعتذر أولو العزم من الرسل عنها حتى ينتهي الأمر إلى خاتم الرسل نبينا   محمد الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فيقوم مقاماً يحمده عليه الأولون والآخرون  ، وتظهر به منزلته العظيمة ودرجته العالية فيسجد تحت العرش فيلهمه الله محامد يحمده ويمجده بها ويستأذن ربه فيأذن له بأن يشفع في الخلائق ليقضى بين العباد بعد ما أصابهم من الهم والكرب ما لا يطيقون .
قال صلى الله عليه وسلم : ((إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك ، استغاثوا بآدم ثم بإبراهيم ثم بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم  ، فيشفع ليقضى بين الخلق ، فيمشى حتى يأخذ بحلقة الباب ، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم)) [ رواه البخاري ] .
وهذه الشفاعة العظمى اختص الله بها الرسول صلى الله عليه وسلم  ، وثبت له عليه الصلاة والسلام شفاعات أخرى هي :
1 ـ شفاعته صلى الله عليه وسلم  في أهل الجنة أن يؤذن لهم بدخول الجنة . دليلها قوله صلى الله عليه وسلم : ((آتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح ، فيقول الخازن من أنت ؟ قال فأقول محمد ، فيقول بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك))  [ رواه مسلم ] . 
2 ـ شفاعته صلى الله عليه وسلم في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم أن يدخلوا الجنة ، وذهب إلى هذا بعض أهل العلم وليس فيها حديث صحيح عن النبي   ولا عن غيره . 
3 ـ شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام استحقوا النار أن لا يدخلوها . دليلها : بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي))   [ رواه أبو داود]
4 ـ شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات أهل الجنة في الجنة . دليلها قوله صلى الله عليه وسلم : ((اللهم اغفر لأبي سلمة وأرفع درجته في المهديين)) [ رواه مسلم ].
5 ـ شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب . دليلها : حديث عكاشة بن محصن في السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ((اللهم اجعله منهم)) [ متفق عليه ]  .
6 ـ شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار أن يخرج منها . دليلها :قوله صلى الله عليه وسلم : ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)) [ رواه  أبو دواد] . وقوله صلى الله عليه وسلم : ((يخرج قوم من النار بشفاعة محمد فيدخلون الجنة يسمون الجهنميين)) [ رواه البخاري ] . 
7 ـ شفاعته صلى الله عليه وسلم في تخفيف العذاب عمن كان يستحقه كشفاعته في عمه أبي طالب . دليلها قوله صلى الله عليه وسلم : ((لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه))   [ متفق عليه ].
ولا تصح الشفاعة عند الله إلا بشرطين :
أ ـ رضا الله عن الشافع والمشفوع له .
ب ـ إذن الله تعالى للشافع أن يشفع .
قال تعالى : ( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ) [سورة الأنبياء: الآية 28]
وقال تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ( [سورة البقرة: الآية 255].
ثامناً : الميزان :
الميزان حق يجب الإيمان به ، وهو ما ينصبه الله يوم القيامة لوزن أعمال العباد وليجازيهم على أعمالهم ، وهو ميزان حسي له كفتان ولسان ، توزن به الأعمال ، أو صحائف الأعمال أو العامل نفسه ، فالجميع قد يوزن ولكن الاعتبار في الثقل والخفة يكون بالعمل نفسه  لا بذات العامل ولا بالصحيفة .
قال تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ( [سورة الأنبياء: الآية 4].
 وقال تعالى : ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ( [سورة الأعراف: الآيتان 8-9]
وقال صلى الله عليه وسلم : (( الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان)) [ رواه مسلم ].
وقال صلى الله عليه وسلم : ((يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت))  [ رواه الحاكم ] .
تاسعاً : الصراط :
ونؤمن بالصراط ، وهو جسر منصوب على متن جهنم وممر   مخوف مرعب ، يمر الناس عليه إلى الجنة ، فمنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كالبرق ومنهم كالريح ومنهم كالطير ومنهم كأجاويد الخيل ، ومنهم من يمر كشد الرجل ، يرمل رملا ، وآخر الماريين منهم من يسحب سحباً ، فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على قدر إبهام قدمه ، ومنهم من يخطف فيلقى في النار ، ومن يمر على الصراط دخل الجنة .
وأول من يعبره نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم أمته ، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم ، وفي جهنم كلاليب على حافتي الصراط لا يعلم قدرها إلا الله عز وجل تخطف من شاء الله من خلقه .
ومن صفته : أنه أحد من السيف وأدق من الشعر ، مَزَلَّة ،        لا تثبت عليه قدم إلا من ثبته الله وأنه ينصب في ظلمة ، وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط للشهادة على من رعاهما أو ضيعهما .
قال الله تعالى : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) [سورة مريم: الآيتان 71-72].
وقال صلى الله عليه وسلم : ((ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيزه)) [ رواه مسلم ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ((ويضرب جسر جهنم .. فأكون أول من يجيز ودعاء الرسل يومئذ اللهم سلم سلم)) [ متفق عليه ] .
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : ((بلغني أن الجسر أدق من الشعر وأحد من السيف) [ رواه مسلم ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ((وترسل الأمانة والرحم فتقومان على جنبي الصراط يميناً وشمالاً ، فيمر أولكم كالبرق ... ثم كمر الريح ، ثم كمر الطير وشد الرجال ، تجزي بهم أعمالهم ، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم ، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجئ الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به فمخدوش ناج ومكدوس في النار)) [ رواه مسلم  ]  .
عاشراً : القنطرة :
ونؤمن بأن المؤمنين إذا جاوزوا الصراط وقفوا على قنطرة ، وهي موضع بين الجنة والنار يوقف فيه المؤمنون الذين جاوزوا الصراط ونجوا من النار لأجل أن يقتصّ لبعضهم من بعض قبل دخول الجنة ، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخولها .
قال صلى الله عليه وسلم : ((يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا)) [ رواه البخاري ]  .
حادي عشر : الجنة والنار :
ونؤمن بأن الجنة حق وأن النار حق ، وأنهما موجودتان لا تفنيان ولا تبيدان ، بل دائمتان ، فنعيم أهل الجنة لا ينفد ولا يزول ، وعذاب أهل النار لمن حكم الله عليهم بالخلود فيها لا يفنى ولا ينقطع .
وأما الموحدون : فيخرجون منها بشفاعة الشافعين وبرحمة أرحم الراحمين .
والجنة : هي دار الكرامة التي أعدها الله للمتقين يوم القيامة ، فيها أنهار جارية وغرف عالية وزوجات حسان ، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لا يفنى ولا ينفد نعيمها خالدين فيها بلا انقطاع . ومقدار موضع السوط منها خير من الدنيا وما فيها ، ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً ، وأعظم نعيمها رؤية المؤمنين لربهم بأبصارهم عياناً .
وأما الكفار : فهم عن رؤية ربهم محجوبون ، فمن نفي رؤية المؤمنين ربهم فقد سوى بينهم وبين الكافرين في هذا الحرمان .
وفي الجنة مائة درجة ، بين كل درجة والأخرى كما بين السماء والأرض ، وأعلى الجنة الفردوس الأعلى وسقفه عرش الرحمن ، ولها ثمانية أبواب ، ما بين جانبي كل باب كما بين مكة وهجر ، وليأتين عليه يوم وهو ممتلئ من الزحام ، وأدنى أهل الجنة منزلة له مثل الدنيا وعشرة أمثالها .
 قال الله تعالى عن الجنة : ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) [سورة آل عمران: الآية 133] .
وقال تعالى - عـن خـلـود أهل الجنة وأنها لا تفنى -: ( جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ) [سورة البينة: الآية 8]
وأما النار : فهي دار العذاب أعدها الله للكافرين والعصاة ، فيها أشد العذاب وصنوف العقوبات ، وخزنتها ملائكة غلاظ شداد ، والكفار مخلدون فيها ، طعامهم الزقوم وشرابهم الحميم ، ونار الدنيا جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم ، فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها أو أشد . 
وهذه النار لا تسأم ممن يوضع فيها ويقذف في قعرها بل إنها لتقول هل من مزيد ، ولها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم.
وقال تعالى عن النار : ( أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ( [سورة آل عمران: الآية 131].
 وقال تعالى - عن خلود أهل النار وأنها لا تفنى - : ( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) [سورة الأحزاب: الآيتان 64-65]
..:: ثمرات الإيمان باليوم الآخر::..
للإيمان باليوم الآخر ثمرات جليلة منها :
1ـ الرغبة في فعل الطاعات والحرص عليها رجاء الثواب .
2 ـ الرهبة من فعل المعصية والرضا بها خوفاً من عقاب ذلك اليوم.
3 ـ تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها .
4 ـ أن الإيمان بالبعث أصل سعادة الفرد والمجتمع ، فإن الإنسان إذا آمن بأن الله تعالى سيبعث الخلق بعد موتهم ويحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم ويقتص للظالم من المظلوم حتى من الحيوان استقام على طاعة الله وانقطع دابر الشر وساد الخير في المجتمع ، وعمت الفضيلة والطمأنينة .
..:: مقطع تعليمي ::..

واتساب